أثارت النتائج الاولية للانتخابات العراقية الكثير من ردود الافعال المعترضة والطاعنة فيها، ووصلت الى حد التهديدات والتصعيدات من بعض الاطراف والمطالبة بالغاء نتائجها وإعادة الانتخابات من جديد.
فالدستور العراقي لسنة 2005 نص في المادة 49/ثالثاً (تنظم بقانون، شروط المرشح والنائب وكل بالانتخاب) وكلمة كل تعني جميع، اي ان كل وجميع ما يتعلق بالانتخاب يتم تشريعه بقانون، وقد أصدر مجلس النواب العراقي بدورته السابقة التي كان الكثير من الكتل والاحزاب المعترضة على نتائج هذه الانتخابات اعضاء ولهم مقاعد واصوات مؤثرة قانونين مهمين نظما العملية الانتخابية الاخيرة وهما:
قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 31 لسنة 2019 وهو القانون الاجرائي الذي ينظم الانتخابات من الناحية الفنية واوكل مهمة اجرائها وتنفيذها للمفوضية التي تم اختيار اعضائها من القضاة.
وقانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020 وهو القانون الموضوعي للانتخاب من حيث الشروط والاجراءات والاحكام التي نص عليها قبل واثناء وبعد اجراء الانتخابات، وتضمن احكاما جديدة لم تكن موجودة في اي من الانتخابات السابقة مثل اعتماد الدوائر المتعددة وطريقة احتساب الاصوات وعدم جواز انتقال الفائزين قبل تشكيل الحكومة وغيرها من الاحكام التي تعد بحق بداية للتغيير واحد ثمرات انتفاضة شباب تشرين.
وكذلك سريان أحكام نظام رقم 6 لسنة 2013 الخاص بانتخابات مجلس النواب العراقي حول الشكاوى والطعون الانتخابية.
عليه فان الطعون والاعتراضات التي يبديها اياً كان في الانتخابات ونتائجها الاولية او النهائية محكومة في قانون مفوضية الانتخابات من حيث الطعن أمام الهيئة القضائية الثلاثية المشكلة بموجب المادة 19 وقراراتها باتة وفق المادة 20 منه.
لكن قراراتها ليست نهائية فالمحكمة الاتحادية وحدها حسب نص المادة 93/سابعاً من الدستور (المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب)، وقراراتها باتة وملزمة للسلطات كافة وفق المادة 94 الدستورية.
عليه لا يوجد اي نص يسمح باعادة الانتخابات العراقية حسب احكام الدستور والقانون العراقي، كما ان القانون الدولي ايضا من خلال قرار مجلس الامن الدولي رقم 2576 قد شارك واشرف عليها من خلال المنظمات الدولية.
اما ما اعلن عن قيام بعض المعترضين رفع دعوى لاصدار أمر ولائي من المحكمة الاتحادية لالغاء نتائج الانتخابات، فان الجواب او الرد عليه يكون ايضاً من خلال نصوص الدستور والقانون لان المحكمة الاتحادية صلاحياتها واضحة ومفصلة في المواد 93 و 94 ولها بعد رفع الاسماء إليها من المفوضية صلاحية التدقيق والمصادقة على النتائج دستوريا، لكنها قد تقوم بالاستجابة الى طلب المعترضين اذا كانت هناك ادلة وبراهين واسانيد واضحة وثابته وتتخذ اي اجراء ومنها مثلا إعادة العد والفرز في عموم العراق.
لكن ليس لها ولا من صلاحياتها أن تقرر إعادة الانتخابات التشريعية لان ذلك يتطلب قانوناً جديداً وهي ليست جهة او سلطة تشريعية، وتشريع القوانين هومن صلاحيات مجلس النواب فقط، ولا يوجد اليوم في العراق مجلس نواب بسبب قيامه بحل نفسه قبل اجراء الانتخابات، كما ان الحكومة الموجودة الآن هي حكومة تصريف اعمال وليس من مهامها او صلاحياتها اعادة او اجراء انتخابات جديدة.
عليه فلا بد لكل الاطراف ان تحتكم وتلتزم باحكام الدستور والقانون الذي كان الجميع او اغلبهم قد شارك في اعداده ومناقشته والتصويت عليه وتشريعه وهو الحاكم والمنظم للانتخابات التي لا يمكن اعادتها من جديد باي حال من الاحوال.
المقال يعبر عن رؤية كاتبه