المحامي عمر عبدالرحمن علي
ملاحظات حول مشروع قانون تعديل قانون الاحوال الشخصية المرقم (۱۸۸) لسنة (١٩٥٩) المعدل والمقدم الى مجلس النواب العراقي
اولا :
القانون قواعد صادرة من الدولة، ينفذها اجهزة القضاء والوزارات واجهزة الشرطة، للدولة العلاقة المباشرة وهي الطرف الاساسي لكل قانون يشرع او مشروع تعديلها ، وفق واقع المجتمع وحاجتها بالتشريع المعين تلبية لطلبات المجتمع والوضع الراهن على ان يهدف هذا التشريع الى تحقيق المصلحة العليا للمجتمع ويكون في خدمته بصورة شاملة بلا استثناء، على ان يكون مطابقا للوضع الاجتماعي والاقتصادي ومدى تطابقها وانسجامها مع مصادر القانون من ثوابت الشريعة الاسلامية المأخوذة من القرآن والسنة، عليه فان معيار المسؤولية والاسبقية لاصدار التشريعات محصورة بالدولة فقط والجهاز الخاص بالتشريع والمتمثل بمجلس النواب في العراق، وبعكسه تنهار قاعدة فصل السلطات بموجب دستور العراق النافذ ولن تبقى سيادة القانون وفقا لاحكام (5) من الدستور لان خلق وانشاء سلطة تبنى وفقا لاراء وفتاوى الوقفين السني والجعفري حيث مشروع التعديل رغم كون الوقفين من ضمن اجهزة السلطة التنفيذية هدرا لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليها في المادة (۷) من الدستور ومخالفا لاحكام المادة (٦١/اولا) من اختصاص مجلس النواب، الا وهو حصر تشريع القوانين بهذا المجلس من جانب آخر فأن التعديل المقدم رغم عدم شرعيتها ومخالفتها لاحكام الدستور، يعطل و يمحو مساواة العراقيين أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الدين او المذهب، ويخلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بين المذاهب والقوانين.
ثانيا :-
لابد وفي حالة ضرورة تعديل أو تشريع قانون، خاصة فيما يتعلق بالاسرة وافراد المجتمع، اللجوء الى جمع آراء والمناقشة مع ذوي الاختصاص في مجال القانون كرجال القضاء من القضاة والمحاميين و باحثي علم الاجتماع والمنظمات النسوية والاتحادات والهيئات المتعلقة بحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل وفق ميثاق الامم المتحدة وكذلك المختصين في مجال التربية والاعلام والاعلاميين حول جدوى اصدار التشريع واسبابها الموجبة.
ثالثا :-
قانون الاحوال الشخصية ۱۸۸ لسنة ۱۹۵۹ ، القانون الوحيد الخاص بحياة الاسرة من الزواج والخطبة وشروطها وبكل ما يتعلق بحقوق الزوجين اللذين هما بنيان الاسرة والمجمتع، القانون النافذ رسم وحدد شروط عقد الزواج بين الزوجين ابتداء من ابرام عقد الزواج امام القضاء بغية حماية وصيانة حقوق الزوجين وما تنتج من هذه العلاقة من المهرين والانجاب واثبات النسب والرضاعة والحضانة والنفقة والميراث والوصية والطلاق والمشاهدة، جميع هذه الحقوق محفوظة ومستندة في القانون النافذ، يحمي حقوق الفرد منذ كان جنينا في بطن الام ولحين الوفاة واصدار القسام الشرعي وسبب إنجاح وفاعلية هذا القانون يعود بالفضل للمشرع العراقي والذي حسناً فعل ذلك من اصدار قانون شامل و جامع و مانع يشمل جميع افراد المجتمع العراقي بكافة مذاهبه وافكاره وارائه.
ان القانون النافذ ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المأخود من احكام الشريعة الاسلامية وآراء الفقهاء المعتدلين من جميع المذاهب والاخذ بالاسهل والاكثر ملاءمة مع واقع المجمتع والاسرة العراقية الشامخة، مما لجأ مشرعي هذا القانون بالاعتماد على نصوص القرآن (سورة الحشر – اية ۲۳) (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ) وتطبيقا لهذا النص القرآني ان الفقه او المذاهب ينبغي ان تنحصر مصدرها في القرآن والسنة، عليه فان مصدر الفقه هو سنده وليس الفقه نفسه، لابد من معرفة راي مذهب معين او قول فقه الرجوع الى مسنده، لان مصدر الحكم هو السند لعدم وجود شريك مع الله في تشريع الاحكام.
رابعا :-
يتضمن المشروع المقدم اضافة الى خلق حالة الازدواجية في هيئات التشريع وانحلال فصل السلطات و تفكيك الاسرة العراقية، والاستخفاف و اهانة حقوق المرأة التي هي نصف المجتمع و ام نصفها الآخر، ذلك بمحاولة الشرعية لزواج صغار السن من الفتيات اللواتي لم يكتمل سن الزواج المنصوص عليها في قانون الاحوال الشخصية التي لا يتجاوز اعمارهن التسع سنوات اللواتي في سن لا علم لها بمعنى الزواج وتداعياتها، اضافة الى عدم تمييزها فانها غير قادرة جسديا ونفسيا، لعدم اكتمال اعضاء جسمها ، كما فأن هذا الزواج وبهذا السن يحرم الفتاة من التعليم والحياة، وتجعلها آلة بيد الرجل كيف يشاء هذه ليست فقط مخالفة قانونية أو معادية لاحكام الشريعة وانما محاولة لتراجع المجتمع العراقي الشامخ الى الوراء بزعم اراء الفقهاء والمذاهب ومؤثري اتباع جهة دينية، كل هذه اقاويل مخالف لاحكام الشرع والسنة.
خامسا :
بالرجوع الى احكام قانون الاحوال الشخصية ۱۸۸ لسنة ١٩٥٩ المعدل فيها سن الزواج و شروطها واحكامها و حقوقها كما ذكرته اعلاه، بيد أن هذا المشروع المقدم بدلا من أن يعاد بالخير ومصلحة تابعي المذاهب، المذاهب هنا (الجعفري والسني)، تكون المرأة متضررة في ظل الفقه الجعفري بخصوص الارث في الاراضي بعكس الفقه الحنفي بينما ان قانون ۱۸۸ لسنة ١٩٥٩ قد حلت هذه المشكلة ولم يبق الخلاف لاعتمادها الى اراء الأئمة الأكثر ملاءمة وتسهيلا، لذلك فان تمرير مشروع التعديل قد يضع البلاد في ازمة دينية ومذهبية اضافة ان الوضع الراهن في البلاد واقرار اكثرية العراقيين بدستور العراق المتضمن بعدم جواز سن قانون يتعارض مع ثوابت الاسلام، الا وهو القرآن ولم يذكر فيها زواج التاسعة من العمر وعلى الكل من العراقيين المحافظين لكرامة الاسرة العراقية واصالتها محاولة عدم تمرير هذا التعديل حماية لحقوق الغير مميزين من القاصرات لا حول ولا قوة لهن بمعارضة هذه الظاهرة المنافية لشرائع السماء واحكام القانون الوضعي ومبادئ حقوق الطفل والمرأة والنضال في سبيل تحرر المرأة العراقية للعيش بسلامة وكرامة كانسان لان الفتيات العراقيات اضافة الى كونهن مجاهدات وهن نصف المجتمع وام لنصفها الآخر.