فؤاد عثمان/ كاتب وصحفي
تمر علی شعبنا الذکری السنویة الـ ۳٦ لخاتمة عمليات الانفال سيئة الصيت، التي طالت منطقة بادينان، استمرارا لتنفیذ سیاسات النظام في ابادە الشعب الکوردي و محوي هویتە القومیة ، بهذه المناسبة ننحنی اجلالا و اکراما لشهدائنا المۆنفلین والذین ما زالوا مفقودي الاثر و ضحایا المقابر الجماعیة.
هاجم النظام البعثي الدموي خلال هذه المرحلة منطقە بادینان من ۱۱ محورا، طالت الحملة القری التابعة لمحافظة دهوک و اقضیة زاخو و عقرة و شێخان و حمادیة و سرسنک كافة وصولا الى الحدود الترکیة فی بعض المناطق ، بدآت عملیات الانفال الثامنة فی ۲٦/اب ۱۹٨٨ و انتهت في ٦/ایلول من السنة نفسها، بدٲ النظام عملیات الانفال الثامنة بقصف القری الواقعة فی سفح جبل گارە( قری بری گارە – بالکوردیة)
وتعد المرحلة الثامنة لعمليات الانفال امتداد لمراحل عمليات الانفال التي بدأت بالمرحلة الاولى في كرميان مرورا بالعمليات الثانية وحتى السابعة وصولا الى هذه المرحلة والتي شملت اراضي كردستان كافة وسمیت خاتمة الانفال ، حیث بعد انتهاء الحرب مع ايران جمع النظام البعثي ما تبقى من قواته المنهارة لشن هجوم مباغت بهدف ابادة الشعب الكردستاني و تنفيذا لمخططاته الشوفينية استخدم هذه القوات لتنفيذ عمليات الانفال في مراحلها الثمانیة باشراف المجرم على حسن المجيد و بقيادة سلطان هاشم وزير الدفاع واستخدم الاسلحة الفتاكة و الكمياوية. ووفقا للوثائق التی تحمل توقیع اللواء یونس محمد زرب احد قیادات الفیلق الخامس والمرسل الی القائد العام للقوات المسلحە العراقیة حینذا وتم اعتقال ١٣٥٥٣ مواطنا في هذه المرحلة، ٣٣٧٣ منهم من النساء و ٦٩٦٤ کانوا من الاطفال .ولم يستهدف النظام الدموي في عمليات الانفال الثامنة الانسان في منطقة بادينان فحسب بل استهدف البنية الاجتماعية والاقتصادية وذلك بهدم القرى و حرق البساتين و هدم ينابيع المياه و قتل مئات من الحيوانات البرية والداجنة و هدم العشرات من بيوت العبادة والمعابد والمساجد و المدارس.
وراح ضحية عملية الانفال الثامنة اكثر من 5 الاف مواطن أعزل من اهالي بادينان وتم خلالها هدم 663 قرية و سوية مع الارض ولم يبقى منها الا الاطلال و تعرضت اكثر من 65 قرية للقصف الكمياوي وتشرد 60الف مواطن تاركين موطن ابائهم و لجؤوا الى تركيا و ايران حيث توفي عدد كبير منهم في ظروف حياتية صعبة و مشقة الوصول الى الحدود، ناهيك عن اسكان 40 الف مواطن في المجمعات القصرية قرب اربيل في عيش لا يحسد عليه، لا ينسى اهالي اربيل مشاهد مبكية و مسأوية للعوائل التي نقلوا من اوطانهم في بادينان ووضعوا في ارض يابسه و جرداء في منطقة برحوشتر و جزينكان القریبة من اربیل في ظروف، قل ان يتحملها الانسان حيث حرارة الصيف الحارقة و الجوع والعطش و انعدام المأوى كان سمة عيش هؤلاء انذاك حيث مات عدد منهم جراء عدم تحمل مشقة هذا العيش الذي فرض عليهم.
عندما نتحدث عن هذه الماسات التي عاشها هؤلآء جراء عمليات الانفال في بادينان لابد لنا ان نثمن كرم وشهامة اهالي اربيل حيث نجدوا اخوانهم و قدموا لهم المساعدات وساندوهم لتجاوز كل المخاطر التي شكلها النظام والطوق الامني المشدد عليهم لكن اهالي اربيل قاموا بكرم الضيافة و فتحوا لاخوانهم الحضن الدافئ.
لشدة مآسي عمليات الانفال في المرحلة الثامنة و مشاهدها المحزنة، جمع الكاتب محمد امين ميرزا جملة من قصص و روايات عن ضحايا هذه العملية تحت عنوان ( رحلة الاحزان شاهد عيان على انفال بادينان واوضاع اللاجئين في مخيم ديار بكر. يروي ميرزا مشاهد و قصص تقشعر لها الابدان لسماعها. في عمليات الانفال الثامنة عدد كبير من الضحايا لازال مصير اكثرهم مجهولا ولم يتم حتى الان الكشف عن المقابر الجماعية التي تحوي ضحايا بادينان عدا ما تم كشفها لضحايا البارزانيين وتم اعادة قرابة 690 رفاة وهذا العدد قليل لو قارناه بعدد ضحايا هذه العمليات عليه يجب على الجهات المعنية السعي من اجل الكشف عن مصير المفقودين الاخرين واعادة رفاتهم الى ارض كردستان.
في هذه الذكرى الاليمة على قلوبنا جميعا على الحكومة العراقية كوريث للنظام السابق ان تتحمل المسؤولية الاخلاقية والقانونية لتعويض الضحایا و متضرري النظام تنفیذا للمادة ۱۳۲ من الدستور و استنادا على ما نص عليه قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا التي اعتبرت عمليات الانفال ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية. وعلی المجتمع الدولي و الدول العظمی حیث غض العالم بصره دون ان يحرك ساكنا ماعدا عدد قليل من المنظمات الدولیة و صدیقة الکورد و والمساند له المرحومة دانيال ميتران التي قدمت مساعدات للنازحين في مخيمات بتركيا ورفعت صوتها عاليا ضد هذه الجرائم حيث يدين لها شعبنا بالجميل، لذا على المنظمات الدولية العاملة في الاقليم و ممثلي الدول العمل من اجل تعريف هذه الجريمة كابادة جماعية و تدويلها تعويضا منهم للسكوت الذي اختاروه حفاظا على مصالحهم مع الطاغية صدام كما و على المجتمع الدولي مساعدة اقليم كردستان في تقديم الشركات التي ساندت النظام الصدامي لحصوله على المواد الكمياوية التي استخدمها لابادة شعبنا للمحاكم دولية
ختاما و للتذکیر، ان عمليات الانفال هي احدى عمليات الابادة الجماعية التي قام بها النظام العراقي السابق وخلال 8 مراحل سنة 1988 وطالت كافة مناطق كردستان بدأ بكرميان وخاتمتها بمنطقة بادينان واستمرت هذه العمليات قرابة 8 اشهر وراح ضحيتها اكثر من 182 الف مواطن أعزل لازال مصير اكثريتهم مجهول عدا الكشف واعادة عدد قليل منهم في مقابر جماعية غرب و جنوب العراق. وسميت عمليات الانفال نسبة الى صورة رقم 8 في القران الكريم .
تحية اجلال و اكرام للارواح الطاهرة لشهداء انفال بادينان و شهداء المراحل السابقة وکافة شهداء كردستان.