*محمد شيخ عثمان
احتلال اربيل لم يكن اتفاقا آنيا
لم تكن عملية التخطيط للعمل المشترك والاستيلاء على اربيل في 31 آب 1996 باتفاق خياني بين قيادة البارتي والنظام العراقي البائد وليدة اللحظة كما تريد قيادة البارتي خداع جماهير حزبه ومخطابة الشعب الكردي وشعوب المنطقة و التاريخ بهذا التبرير الزائف، بل كانت نتيجة اعوام من العلاقات السرية والتنسيق السياسي،الاستخباري والعسكري واللوجستي بين تلك القيادة والنظام البعثي الفاشي،فبعد انتفاضة اذار 1991 ونجاح الاتحاد الوطني الكردستاني في تنفيذ خطة الانتفاضة وتحرير المدن الكردستانية والتي توجت بتحرير مدينة كركوك في نوروز 1991 ومن ثم قيام النظام البائد بالهجوم المضاد وسط صمت المجتمع الدولي مما ادى الى نزوح جماعي لشعب كردستان نحو الحدود الايرانية والتركية واعقبها تحرك المجتمع الدولي بقرارات من مجلس الامن الدولي ابرزها القرار 688 الذي الذي اعتمد في 5 أبريل 1991، يعرب عن القلق إزاء القمع السياسي للشعب العراقي، بما في ذلك أولئك الموجودين في كردستان العراق، وأدان المجلس القمع، وطالب بأن يضع العراق، كمساهمة في إزالة الخطر الذي يتهدد السلم والأمن، حداً للقمع، ويحترم الحقوق الإنسانية لشعبه.واستخدمت فرنسا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة القرار 688 لإنشاء مناطق حظر الطيران العراقية من أجل حماية العمليات الإنسانية في العراق.
هذا القرار الاممي اجبر النظام العراقي على الدعوة الى قيادات الحركة الكردية للتوجه الى بغداد والتفاوض بشان حكم ذاتي اوسع من قبل وبمايشمل كركوك في هذا الاتفاق ،وقد توجه القيادات الكردية وخاصة الرئيس الراحل مام جلال ورئيس البارتي مسعود بارزاني و بعد شهور من المناورات والدسائس من قبل النظام البائد، قرر مام جلال نيابة عن الاتحاد الوطني الكردستاني الانسحاب من المفاوضات وشرح في خطاب جماهيري في السليمانية بتاريخ 11/9/1991 اسباب الانسحاب مشيرا الى ان عقلية النظام لم تتغير ازاء مطالب وحقوق شعب كردستان .
وبالمقابل لم يقطع مسعود بارزاني المفاوضات مع النظام وبقي في بغداد لمدد طويلة وكان حريصا على ابقائها لدرجة انه في انتفاضة 7/10/1991 ارسل برقية عاجلة الى المواطنين والقوات المسلحة حرفيا:اذا لم تتوقفوا سآتي بنفسي لاخمادها ووأدها .
من علاقة تفاوضية علنية الى علاقات سرية
وبعد اقل من شهر قرر النظام العراقي سحب جميع دوائر كردستان الى المناطق تحت سيطرته ضمن اجراء تضمن قطع رواتب موظفي كردستان كافة ونقلها الى تلك المناطق مما اجبر الجبهة الكردستانية على دراسة مقترح الاتحاد الوطني الكردستاني لاجراء انتخابات برلمانية لتشكيل حكومة اقليم كردستان وملء الفراغ الاداري وهذا مادفع البارتي الى تحويل شكل علاقاته مع النظام البائد من علاقة تفاوضية علنية الى علاقات سرية للتفاهم والتنسيق الدائم في شتى المجالات .
وفي حديث شرح الحقائق للصحفيين في 25/8/1996 يسلط الرئيس مام جلال الضوء على هذه العلاقة السرية والتنسيق المشترك بين البارتي والنظام البائد قائلا : بالنسبة للتحشدات العراقية ، فنحن على علم ومنذ فترة، بأن قيادة البارتي لها اتصالاتها مع قيادة ( صدام حسين)، ويجري بينهما (صدام -مسعود)تبادل الزيارات ، في الحقيقة ان العلاقات بينهما ( مسعود وصدام ) لم تنقطع منذ عام ۱۹۹۱، وكانت متواصلة دائما ، وثمة جهاز لاسلكي في (سري ره ش ) لغرض اجراء اتصالات يومية ، وحتى في الايام التي سادت فيها علاقات جيدة بيننا وبين هذه القيادة كانت علاقاتها متواصلة مع (صدام)، اتذكر باننا ابلغناها مرة بشكل تحريري ومرتين شفهيا ، وعاتبناها واعترضنا على اقامة هكذا علاقات ولم تستطع هذه القيادة نفيها بل حاولت ترقيعها باعتبارها ليس امرا هاما ، الا ان في الفترة الاخيرة، تطورت هذه العلاقات ووصلت الى حد ان يزود (صدام) هذه القيادة بالدبابات والمدرعات والمدافع “.
ويضيف الرئيس مام جلال:”من الواضح ان (صدام) ليس غبيا ليقدم كل هذا الدعم لجهة ما مجانا وفي سبيل الله ، اذا لم يكن مطمئنا بان هذه الاسلحة لا تستخدم ضده بل تستخدم لصالحه ،وقد تطورت الامور الى حد الذي تم فيه تشكيل لجنة مشتركة بين القيادتين وحسب المعلومات الواردة الينا ، بان الهدف من تشكيل هذه اللجنة هو الهجوم على مدينة اربيل وعدد من المناطق الأخرى ، وفي حالة استيلاء قيادة مسعود على اربيل، تعلن ولاءها وتضامنها مع الحكومة العراقية ، وترضي بالحكم الذاتي الصدامي غير الشرعي ، وكنانستلم هذه المعلومات وبشكل دقيق من اصدقائنا داخل الجيش العراقي ومن الاشخاص المطلعين على السجلات العراقية”.
الاتفاق وطلب القوات لم يكن آنيا
وهذا يعني ان الاتفاق بين قيادة البارتي والنظام البعثي البائد وطلب القوات لم يكن آنيا بل كان في سياق علاقة ممتدة ومتطورة منذ 1991 ولكن قيادة البارتي كانت ولاتزال توهم جماهيرها اولا وشعب كردستان وشعوب المنطقة بمبرر بالي غير صحيح وهو ان الاتحاد الوطني قام بجلب القوات الايرانية للقضاء على البارتي واحتلال كردستان وقبل بدء هجمات 31 اب 1996 قامت صحف النظام البائد بنشر مناشدات قيادة البارتي ودعاياتها المضللة بان القوات الايرانية تسيطر على اربيل وبقية كردستان ،بينما هنالك المزيد من الحقائق تؤكد التنسيق الاستخباراتي والعسكري بين قيادة البارتي والنظام البعثي البائد وتزويد قوات البارتي بالاسلحة والمدرعات والذخيرة وهناك العديد من الحقائق.
ففي تقرير لها بتاريخ 25/10/1995 ذكرت صحيفة (الحياة) اللندنية ، بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني ، قد استلم المساعدات العسكرية من بغداد في الشهر المنصرم .
واضافت الصحيفة، وحسب الانباء التي وصلتها ، بان النظام العراقي قد ارسل (۱۸) مدرعة الى الحزب الديمقراطي الكردستاني .. مقابل السيطرة على طريق دهوك – الموصل . كما زود النظام في وقت سابق الـ ( حدك ) بقذائف الراجمات والاسلحة الاوتوماتيكية.
تحركات المكتب السياسي
وفي 16/1/1996 ولدراسة الاسباب والنتائج الوخيمة المترتبة على التحشدات والتحرشات اللامسؤولة التي قامت وتقوم بها قوات الـ ( حدك ) على طول نقاط التماس دعا المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني. الاخوة في قيادات الاحزاب الكردستانية السبعة الى اجتماع طاريء في مقر المكتب السياسي لتدارس الاوضاع المستجدة ووضع حد للتحركات العسكرية للحدك التي تأتي متزامنة مع التحشدات العسكرية للنظام الدكتاتوري في عدة نقاط تماس اخرى .
واستجابت الاحزاب الكردستانية السبعة لدعوة الـ ( الاتحاد الوطني الكدردستاني ) وتم استقبال وفد مشترك لتلك الاحزاب من قبل السادة الدكتور فؤاد معصوم والملازم عمر عبدالله وعمر فتاح وفريدون عبد القادر اعضاء المكتب السياسي وارسلان بايز وعادل مراد و چتو حويزي وعدنان المفتي اعضاء اللجنة القيادية .
وقد اثنى جميع اعضاء وفد الاتحاد الوطني الكردستاني ، على المقترح الذي تقدم به ممثل الحزب الشيوعي الكردستاني نيابة عن حزبه والاحزاب الكردستانية الاخرى ، لعقد إجتماع على مستوى عال بين الاتحاد الوطني الكردستاني والـ (حدك) لتهدئة الاوضاع المخيفة التي تنذر بالحرب والدمار، ويصدر عنه بيان مشترك لنزع الفتيل وعودة الحياة الطبيعية الى الاقليم وأستمرار حـــركــة التجارة في الاسواق .
وساهم كافة أعضاء وفد الاتحاد في المناقشات الجادة والصريحة ، وقدموا إقتراحات ملموسة لترسيخ السلام في كردستان وسبل قطع الطريق على تحركات البارتي الاخيرة وآلية جره الى العملية السلمية ودفعه لاتخاذ موقف واضح ومعلن من النظام الدكتاتوري ورأسه المغامر (صدام حسين ) .
القوات الامريكية تراقب الوضع
وفي 30/8/1996 اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ان تحركات عسكرية عراقية مثيرة للقلق رصدت في (شمال) العراق وان قوات امريكية في المنطقة وضعت في حالة تأهب وهي مستعدة للتدخل «على حد تعبير البنتاغون». وأكد مسؤول عسكري في البنتاغون أن العراقيين يحركون قواتهم هناك . مضيفا ان القيادة الامريكية تراقب الوضع وانها ابلغت قواتها بالاستعداد للتحرك بسرعة اذا ما دعت الضرورة . واشار مسؤول عسكري امريكي ان القوات الجوية الأمريكية على اهبة . الاستعداد على متن السفن التي تجوب مياه الخليج.
بيان الكتلة الخضراء
واصدرت الكتلة الخضراء بياناً في 29/8/1996 ، دعت فيه اعضاء البرلمان الكردستاني كافة الى عقد اجتماع قبل موعد انتهاء البرلمان يوم 4/9/1996 فيما يلي نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
يا جماهير كردستان المناضلة . في هذه الايام العصيبة من تاريخ شعبنا حيث مخاطر الحرب الداخلية تخيم علينا ولكي توجه كل الجهود لحماية مكتسبات الانتفاضة المجيدة من البرلمان وحكومة الاقليم ومؤسساتها والتجربة الديمقراطية ، فان برلمان كردستان اليوم ونتيجة تلكم الظروف مشلول بشكل عملي عن اداء مهامه القانونية وفي البت في قضايا شعب كردستان المصيرية لاحلال السلام وترسيخ التعايش الديمقراطي بين الاحزاب السياسية العاملة في الاقليم واعطاء التجربة روح الاستمرارية والدوام.
وفي الوقت الذي يقوم فيه النظام البعثي الدكتاتوري بتحشيد قواته القمعية على طول خطوط التماس محاولة منه للانقضاض على شعبنا واجهاض تجربته وانجازاته .. ندعو اعضاء البرلمان كافة الى عقد اجتماع قبل موعد انتهائه في ١٩٩٦/٩/٤ وبذلك نعلن للجميع بأننا ومهما كانت الظروف متفقون على القضية المصيرية لشعبنا والحفاظ على تجربته الديمقراطية ولن نسمح لاعداء شعبنا وقضيته العادلة بتمرير مخططاتهم العدوانية .
ايها الاخوة اعضاء البرلمان ….
يا جماهير شعبنا المناضلة ….
لنحافظ جميعا على برلماننا ونعيد اليه النشاط ليلعب دوره التاريخي في تحقيق السلام وتطبيع الاوضاع في كردستان وترسيخ التعايش الاخوي والتعددية والركون الى الحوار السلمي الديمقراطي لحل كافة المسائل العالقة والعمل على تهيئة الاجواء اللازمة لتنفيذ قرارات البرلمان السابقة وبخاصة الصادرة في 25/7/1994 وبنود الاتفاقية الموقعة بين المكتبين السياسيين للاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في 27/5/1996 حول مشاركة الاحزاب الكردستانية والشخصيات المستقلة في المجلس الوطني الكردستاني .
الكتلة الخضراء في المجلس الوطني لكردستان العراق اربيل
في ١٩٩٦/٨/٢٩
تحذير واطلاع مسبق
وفي 29/8/1996 صرح متحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني بما يلي :
ايتها الجماهير الكردستانية .
ايتها الاحزاب الكردستانية المناضلة
با جماهير مدينة اربيل الحبيبة
اذاعت وسائل اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني هذا المساء توضيحا باسم المكتب السياسي اكدوا فيه ان قيادة البارتي ملتزمة بوقف القتال بناءاً على طلب الولايات المتحدة الامريكية من قيادة الاتحاد الوطني والبارتي .
لكن المصادر الخبرية أوردت بانه رغم ذلك فان النظام البعثي وبالتعاون والتنسيق مع قيادة مسعود البارزاني حشد قوات كبيرة على الحدود مع قوات بيشمركة كردستان المؤلفة من الاتحاد الوطني وسائر الاحزاب العاملة ضمن لجنة التنسيق الوطني الكردستاني وتشير الانباء الواردة هذا اليوم بان نيچير البارزاني قد اجتمع في قضاء برطلة القريبة من مدينة الموصل بعدي صدام حسين تباحثا خلاله التنسيق الجاري بين قواتهما .
كما اجتمع مساء اليوم قائد قوات القصر الجمهوري للنظام في المنطقة الخاضعة لقوات البارتي في اسكي كلك بكل من ملازم علي عليه المكتب السياسي للبارتي وسعد عبدالله عضو القيادة ومسؤول الفرع الثاني للبارتي .
واعلمنا مصدر رسمي في (INC) بان قوات البارتي ابلغت ممثلي (INC) والقوات التابعة له بترك ناحية اسكي كلك . وهكذا تم طرد قوات (INC) من اسكي كلك واغلق الحزب الشيوعي العراقي مقره هناك .
ان قيادة البارتي بعملها هذا كشفت النقاب عن دورها الخياني والارتزاقي .
اننا في الوقت الذي نوضح هذا الدور الخياني للعائلة البارزانية لجماهير شعبنا وللاحزاب الكردستانية نطمئنهم بانه على الرغم من تحذير الولايات المتحدة الامريكية الشديد للبارتي والنظام البعثي من مغبة الاقدام على أي تحرك ضد مدينة اربيل والمناطق المحررة الذي سيواجه برد عنيف من قبل الحلفاء، فان قوات بيشمركة كردستان حماة المكاسب الشعبية ورافعي رايات الشهداء ، بيشمركة جميع الاحزاب الكردستانية متواجدون في خنادقهم الامامية في الجبهات للتصدي الى القوات المنهارة للنظام البعثي وليس هناك اي قوة تستطيع قهر ارادة الشعب .
النصر للشعب
والخزي للبعث والمتعاونين معه .
التدخل الايراني كمبرر للخيانة
وبالتالي فان هذه الحقائق تثبت ان مزاعم الوجود الايراني لم يكن صحيحا وان لجوء مسعود برزاني للطاغية صدام لم يكن حالة طارئة بغية التصدي لقوات اجنبية على ارض كردستان بل سبقته علاقات سرية وطيدة لم تنقطع بعد مفاوضات 1991 .
وفي نفس حديثه للصحفيين في 25/8/1996 تحدث الرئيس مام جلال عن هذه المزاعم قائلا :حول مسألة التدخل الايراني انني أؤكد مرة اخرى انها اكاذيب واشاعات ، ليتفضل من يريد اية هيئة او اي حزب او اية دولة ليبعث ممثلها ونأخذه لاي مكان يريده او اية حدود ليتفقدها وكافة الاماكن ليتأكد هل هناك اية قوة ايرانية وليقرروا حين ذاك ، ابلغنا اصدقاءنا الامريكان وطلبت منهم ان يرسلوا لجنة لتقصي الحقائق وليحاولوا ارسال اية هيئة لتزور كردستان واية منطقة تريدها نحن نساعدها في تفقدها لتتأكد هل هناك قوات الحرس الثورة او اسلحة ونحن مرة اخرى نكرر دعوتنا هذه ، ولاي شخص يريد وهناك الشرطة الدولية ليرسلوها الى المناطق التي يشكون بها لترى بأن هذا ليس صحيحا ، بل انها دعاية مسمومة للتستر على تدخل العراق والتستر على الذيلية للحكومة العراقية والهزائم العسكرية التي لحقت بهم في كافة الجبهات، ونحن في الاتحاد الوطني الكردستاني نرى مكاسبنا الحزبية والوطنية والسياسية وافكارنا في السلام والحل السياسي، لاننا نحن نريد هذه السنة أن نكرس كافة طاقاتنا مع كافة قوى المعارضة العراقية الأخرى لاسقاط النظام الدكتاتوري في بغداد، واذا لم يستتب الاستقرار في كردستان لا نستطيع ان نكرس قواتنا لانجاز تلك المهمة المقدسة ، لذا نحن نحب احلال السلام ونتمنى ان تنجح هذه المرة عملية الوساطة ..
نتائج التحري الدولي حول الوجود الايراني
وفي حوار مع صحيفة (البلاد) في 11-12-1997 علق الرئيس مام جلال على هذه المزاعم قائلا :في الحقيقة لا وجود لتدخل ايراني في كردستان العراق خصوصاً واننا طلبنا من البوليس الدولي والموجود في كردستان العراق القيام بالتحري وقام هؤلاء بالتحري هناك ووجدوا انه ليس هناك أي تدخل ايراني على الاطلاق وقد اعترفت المصادر الاميركية ذاتها بذلك ولكن الضجة افتعلت من قبل قيادة البارزاني والاعلام الحكومي العراقي حول التدخل الإيراني المزعوم وذلك لاغراض عديدة منها:
اولاً، للتغطية على الخيانة القومية التي ارتكبتها قيادة البارزاني عندما استقدمت قوات صدام حسين لاقتحام اربيل عاصمة اقليم كردستان – العراق.
ثانياً، للتغطية على الهزائم العسكرية التي منيت بها قوات البارزاني في المنازلة الشريفة مع قوات الاتحاد الوطني الكردستاني.
ثالثاً، لتحريض الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية وتركيا ضد الاتحاد الوطني الكردستاني
نحن وايران والبارتي
تحت هذا العنوان أدلى ناطق باسم الاتحاد الكردستاني تصريحا في ٢٤ آب ١٩٩٦ جاء فيها : إن الاتحاد الوطني الكردستاني يطالب بتشكيل لجنة من الأحزاب الكردستانية كافة، لتقصي الحقائق والقيام بالتحقيق بيننا وبين البارتي وإيران كي يتبين بجلاء ماذا قدمت ايران للجانبين ؟ وأية جهة قامت بضربها واستولت على منطقة من ولصالح من ؟..
إننا نعلن للرأي العام الكردستاني والشرقي بعدم استلامنا المدفعية واحدة أو دبابة واحدة أو مدرعة واحدة من إيران، ولم يشارك أي إيراني في القتال ضمن صفوف قوات بيشمركة كردستان.
وإن قيادة الانهيار والاستسلام تعرف قبل غيرها لو أن ايران ساعدتنا لم تكن تستطيع البقاء في حلبجة وبلدة مصيف صلاح الدين وسري ره ش، لأن إيران هي التي أنذرتنا من قبل بعدم التقـرب مـن (سري ره ش) ، وهي التي ساعدت قيادة الأنهيار وحلفاءها للسيطرة على حلبجة وخورمال ..وهورامان.
فلتبدأ لجنة تقصي الحقائق اعمالها فورا كي تظهر الحقائق واضحة للرأي العام الكردستاني والأقليمي والعالمي.
حقيقة الامر
كان الاتحاد الوطني الكردستاني في سعي جاد مع الاخوة في المعارضة العراقية من اجل تحرير العراق ايمانا منه بان القضية الكردية وتحقيق الحقوق القومية منوط بتحرير العراق من الحكم الدكتاتوري الفاشي، وما لم يتم اسقاط هذا الحكم واقامة البديل الديمقراطي البرلماني الفيدرالي في العراق لا يمكن ايجاد حل عادل وثابت ومستقر للقضية الكردية في العراق.
وقد تناقلت وكالات الانباء والصحف العالمية ، نبأ في هذه المدة مفاده أن الاتحاد الوطني الكردستاني وبالتعاون مع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ومع الضباط الاحرار داخل الجيش العراقي ومع القوى المعارضة الاخرى ، سيحول ارض كردستان العراق الى قاعدة للمعارضة العراقية ، لتمارس عليها نشاطاتها السياسية والعسكرية والاعلامية ضد الحكم الدكتاتوري الفاشي في بغداد وهذا ما حدا بـالطاغية صدام للاندفاع اكثر ليضع وبالتعاون مع البارتي خطة لاشعال الحرب الداخلية الدنيئة مرة أخرى، وكانت قوات البارتي وفي مختلف جبهات القتال، تقاتل باسلحة (صدام) وهذا التنسيق بين الاتحاد الوطني الكردستاني استخدمها قيادة البارتي للتقرب اكثر من الطافية صدام واقناعها بالهجوم على اربيل واحتلالها ومن ثم تسليمها للبارتي كشريك موثوق به وتزامنا مع هذا ، قام الطاغية صدام بتحشيد قواته على خطوط التماس مع كردستان المحررة، ومن بين تلك القوات وحدات من الحرس الجمهوري وتتركز التحشدات في اطراف مدينة اربيل، اضافة الى تحشداته في خطوط اخرى من مناطق التماس مع قوات الاتحاد الوطني الكردستاني ايذانا بالهجوم والتآمر الخياني .
اشهار العلاقة الخيانية
يمثل تاريخ 31/اب/1996 يوما لاشهار العلاقة الخيانية بين قيادة البارتي والنظام البعثي البائد عبر مهاجمة اربيل فقد توجهت قطعات الحرس الجمهوري بموجب أمر القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية من معسكراتها في كركوك و تكريت و الموصل وقد انسحب الاتحاد الوطني في أربيل بعد مقاومة باسلة !! وقرأ المذيع العراقي الشهير بشواربه الكثة ( مقداد مراد ) في يوم في يوم 31/ آب/ 1996 بيان الإنتصار في عملية ( آب المتوكل على الله )!! بقوله:الله أكبر.. الله أكبر.. لترقص أزهار النرجس في أربيل لتعانق سعف النخيل في البصرة )…!
وبدأت فصول المجزرة الكبرى ضد المعارضة العراقية والتي لم يفتح فصولها ولا ملفاتها أحد بعد عام 2003 رغم فتحهم لبعضا من ملفات جرائم نظام صدام ضد الإنسانية…!.. ففي يوم 2/9/1996 إقتحمت عناصر من المخابرات العراقية برفقة البيشمركة الكردية مقرات أحزاب الإتحاد الإسلامي الكردي و الجبهة التركمانية والمؤتمر الوطني الموحد ( أحمد الجلبي ) وأعتقلت العديد من العناصر وقتلت عناصر أخرى بمساعدة أدلاء من مسلحي البارتي.
وتم استهداف العديد من أفراد المعارضة العراقية الذين كانوا يستخدمون المنطقة الكردية كملاذ آمن تم القبض على العشرات منهم، وتم إعدام بعضهم على الفور أو اختطفوا ونقلوا إلى مناطق أخرى حيث تعرضوا للتعذيب أو القتلو كان من بين المستهدفين عناصر من المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق (الذي أصبح لاحقًا جزءًا من الحكومة العراقية بعد 2003)، والذي كان من أبرز جماعات المعارضة الشيعية ضد نظام صدام حسين. تعرض هؤلاء الأشخاص للمطاردة والاعتقال أثناء الهجوم.
وكانت نتائج إجتياح أربيل على النحو التالي:
*الإستيلاء على جميع مكاتب ومقرات المعارضة العراقية ( الجبهة التركمانية/ الإتحاد الوطني الكردستاني/ المؤتمر الوطني/ المجلس الأعلى/ الحركة الملكية الدستورية/ منظمة العمل الإسلامي/ الحركة الآشورية/ الحزب الشيوعي الكردستاني/ الإتحاد الإسلامي الكردستاني )؟.
*سقوط مئات القتلى من المدنيين الأبرياء.
*نزوح أكثر من 100 ألف مواطن صوب إيران.
*وخسائر أخرى كبرى.
**أما حجم القوات العراقية المشاركة في عملية ( آب المتوكل على الله ) فكانت:
*45 ألف عنصر من الحرس الجمهوري العراقي.
*400 دبابة و مصفحة.
*طائرات هليوكوبتر هجومية
*مدفعية ميدان.
*فرق إسناد من الجيش / الرابعة و السابعة و الثامنة.
*القوات التابعة للبارتي.
بارزاني يشكر القيادة
بعد تلك الدراما الدموية تم إسدال الستار على فصول تلك المسرحية الدموية بإعلان صحيفة العراق الكردية في مانشيتها الرئيسي ليوم 2/ 9 / 1996 ما يلي:( مسعود البارزاني يشكر القيادة لإستجابتها لنداء تحرير أربيل من عبث جلال وزمرته العميلة لإيران )!
الرد الدولي:
الهجوم الصدامي وبالتنسيق مع البارتي أثار إدانة دولية واسعة، وخاصة من الولايات المتحدة، التي رأت أن التدخل العراقي في أربيل كان خرقًا لمنطقة حظر الطيران وتهديدًا للاستقرار في المنطقة.ومن اشهر مقولات الرئيس الامريكي انذاك بيل كلنتون لاحدى القادة الغربيين :لوكنت عملت هذه العملية الخيانية وجلبت الاعداء ضد الحزب الجمهوري لتم اعتيال من قبل حراسي الشخصيين ” وبعد ذلك ادلى بتصريح صحفي حذر النظام العراقي من مغبة تكرار هذه التحركات التي ستواجه بعقاب شديد وقدد سبق هذه التصريحات بعملية قصف امريكية بالصواريخ لمواقع عراقية في الوسط والجنوب .
التأثير على المعارضة:
الهجوم أدى إلى إضعاف المعارضة العراقية في كردستان العراق، حيث تم تدمير مكاتبهم وقتل واعتقال العديد من أفرادهم، مما أجبرهم على إعادة تنظيم صفوفهم خارج العراق.
بالتالي، فإن الهجوم على أربيل لم يكن مجرد مواجهة بين الفصائل الكردية، بل كان له تداعيات كبيرة على المعارضة العراقية بشكل عام، وأسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا بين صفوفهم.
تقارير المعارضة العراقية:
العديد من جماعات المعارضة العراقية التي كانت نشطة في ذلك الوقت، مثل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحزب الدعوة الإسلامية، أصدرت بيانات تتهم نظام صدام حسين وحلفاءه في الحزب الديمقراطي الكردستاني بارتكاب انتهاكات خطيرة، بما في ذلك القتل والاعتقال التعسفي لأعضائهم في أربيل. بعض هذه الجماعات أشارت إلى أن مكاتبها في أربيل تعرضت للهجوم وأن العديد من أعضائها قتلوا أو اختطفوا أثناء الهجوم.
تقارير منظمات حقوق الإنسان:
– منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات الحقوقية الدولية وثقت الانتهاكات التي وقعت خلال وبعد الهجوم. تضمنت تقارير هذه المنظمات شهادات من الناجين وأسر الضحايا، وأكدت حدوث عمليات إعدام ميدانية واعتقالات تعسفية وتعذيب.
– التقارير أشارت أيضًا إلى أن الهجوم كان جزءًا من حملة أوسع للقضاء على المعارضة السياسية لنظام صدام حسين داخل الأراضي التي كانت تحت سيطرة الكرد.
الأثر طويل الأمد:
هذه البيانات والتقارير أسهمت في توثيق الانتهاكات التي ارتكبها النظام العراقي وحلفاؤه ضد المعارضة الكردية والعراقية في أربيل. كما أنها لعبت دورًا في تشكيل المواقف الدولية تجاه صدام حسين وزادت من الضغوط على نظامه.
الحرص الوطني للاتحاد الوطني مابعد الخيانة
في احدى الحوارات الصحفية في 1997 سألت مجلة سيخورمه الرئيس مام جلال : هل لكم ان تصفوا لنا (۳۱) آب) بعبارة واحدة ؟ واجاب مام جلال : “خيانة وطنية لا نظير لها في تاريخ الشعب الكردي”.
رغم هذه الحقائق المؤلمة بالرغم وبان هذه الخيانة، وكمثيلاتها في تاريخ هذا الحزب، تبقى لطخة حالكة السواد في ذاكرة شعبنا، ولن تتمكن مئات الذرائع من الخطب الاعلامية والكتب المزيفة والسرد التضليلي للأحداث من محوها، إلا أن الاتحاد الوطني الكوردستاني والأحزاب والقوى السياسية الكوردستانية الحريصة الأخرى، مستندين الى أملهم بمستقبل شعبنا ومشروعية القضية الكوردية، وبأنه لايمكن أن تتعطل وتتجمد العملية السياسية في نقطة معينة، اختاروا جميعا قدر أفضلية السلام والاتفاق وقفزوا فوق جراح الغدر والخيانة، وعملوا جاهدين للحفاظ على المتبقي من هيبة تجربة أمتنا، وفتحوا صفحة جديدة للسلام ومعاودة النضال الديمقراطي.
ولكن ما يؤسف عليه، أن الطرف المسؤول عن خيانة 31 آب، بدل أخذ العبر من دروس التاريخ، ماض على سياسته العوجاء نفسها وبروحية المصالح الحزبية الضيقة ذاتها، ومنهمك من جديد في إذكاء الصراعات والغدر، حيث يبدو انه أساء تفهم الصبر الواعي للحريصين على مستقبل كوردستان، فها هو يواصل اختبار ذكريات التاريخ الأليمة، عن طريق اختلاق التهم والتشهير الواهي بحق القوى الوطنية، وفي مقدمتها الاتحاد الوطني الكوردستاني، وسخر لهذا التضليل الأموال والطاقات والتزوير الاعلامي اللا محدود، وبدلا من أن يسعى لاندمال جراح تاريخ الخيانة نهائيا ويمحو هذه الصفحة السوداء من تاريخه وتاريخ كوردستان، عن طريق اتباع سياسات كوردستانية وقومية صائبة، فهو يسعى باستمرار لشرعنة هذه الخيانة والتباهي بها بالتضليل ويتعامل باستهتار مع العملية السياسية ومستقبل شعبنا.
الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى دوما لمحو الإفرازات والتأثيرات النفسية والمعنوية السيئة لهذه الكارثة القومية وجميع الكوارث الأخرى نهائيا، بدلا من نشر الضغينة والانتقام، ويدعو بحرص لرفض التسلط وترسيخ خيار تصحيح مسار الحكم والعملية الديمقراطية والعدالة الحقيقية في كوردستان،
لقد قام شعبنا وذوو الشهداء وكذلك الاتحاد الوطني الكردستاني بغض النظر عن هذا الجرح العميق، بعد الكثير من الخلافات والمآسي وحرب الإخوة، بالتكاتف والرغبة في وحدة الصف الكردي، واستودعوا صفحة الخلافات المحزنة بالسلام والعمران والتعاضد في مواجهة المخاطر المحدقة بشعبنا واليوم أيضا، مازالت هذه الرغبة والضرورة نفسها ماثلة أمامنا، إذ تستدعي منا المخاطر التي تهدد مجمل العملية السياسية في العراق بضمنه كردستان، تعزيز الجبهة الداخلية الكردستانية كي نتمكن معا، جميع الأطراف الكردستانية، من التصدي لمهام المرحلة المقبلة، المتمثلة في الذود عن حقوق شعبنا في عراق ديمقراطي اتحادي توافقي.
بين اخذ الدروس والعبر أو الهوية