المسرى..
إعداد: كديانو عليكو
تقع أور وهي مدينة سومرية من أقدم مدن البشرية في تل المقير جنوب العراق، وكانت عاصمة للدولة السومرية عام 2100 قبل الميلاد. وتقول تقاليد الكتاب المقدس، ان أور سُمّيت على اسم مُنشئها، لكن هذا التفسير محط أخذ وردّ، وترتبط أور، كذلك بالنبي إبراهيم باعتبارها وطنه الأول الذي هاجر منه لاحقا إلى أرض كنعان، وإن كان هناك من الباحثين مَن يرى أن موطن إبراهيم كان “أورا” قرب حران الواقعة شمال بلاد الرافدين، وأن مدوّني سفر التكوين في الكتاب المقدس خلطوا بين المكانين.
ميناء هام
وكانت اور ميناءً مهما على الخليج العربي، وقد ظهرت أولا بصفتها قرية صغيرة في عصر العُبيد (5000-4100 ق.م) ولم تلبث أن أصبحت مدينة ثابتة الأركان بحلول سنة 3800 ق.م واستمرت على هذه الحال حتى سنة 450 ق.م.
كما كانت اور مركزا حضاريا بالغ الأهمية ومدينة نظر إليها معاصروها بعين الاحترام قبل أن تُكتَب قصص التوراة بزمن طويل.
عاصمة ثقافية
اقترحت محافظة ذي قار، على مجلس الوزراء بان تصبح مدينة اور عاصمة العراق الثقافية.
ويقول محافظ ذي قار احمد الخفاجي بحسب وثيقة صادرة عن مكتبه الاعلامي وتلقى (المسرى) نسخة منها، إنه “خاطب الامانة العامة لمجلس الوزراء بان يتم اختيار مدينة اور عاصمة العراق الثقافية للعام 2022”.
الحياة السياسية
يعتقد أن نهضة المملكة السومرية قد بدأت في حوالي عام 2120 قبل الميلاد عندما بادر أوتو خيجال ملك الوركاء لإعلان أول عصيان واسع النطاق على الحكام القبليين (الجوتين)، وقد سانده في هذا العمل حكام سومر في بعض المدن ومن بينهم أور نمو (حاكم أور) الذي تمرد عليه وهزمه بعد الجوتين، بعد أن حقق انتصاراته الأولى، ثم أتم أور نمو تحرير سومر وأسس السلالة الثالثة في مدينة أور (أسرة أور الثالثة) ليبدأ العصر السومري الحديث.
الزقورة
هيمنت الزقورة أو برج المعبد المدَّرج على السهل المحيط بأور، وتعد زقورة أور التي قام ببناها الملك أورنمو 2100 قبل الميلاد من أشهر الزقورات في بلاد الرافدين، جاءت الزقورة مخصصة لعبادة آلهة القمر (إنّيانا) فقد كانت من أكثر الزقورات شهرة والأكثر مقاومة وصموداً امام الزمن وآثارها ما زالت شامخة إلى يومنا هذا.
يصف ماكس مالوان بأن زقورة أور لا يجد ما يقارن بها في بلاد الرافدين كلها، بسبب اللون الأحمر القاني والتكوين البناء الذي استخدم فيه الآجُر وبسبب الترتيب المستنبط ببراعة المبنى كله على سلالمه الثلاثة المؤلفة كل منها من مائة درجة.
الفنون
تعتبر الفنون جزءاً من الواقع الاجتماعي الذي يعكسه المجتمع من خلال الميثولوجيا والأفكار الدينية التي تنشأ في المجتمع لتفسير ظواهر طبيعية وظروف بيئية ودينة واجتماعية. تنوعت المواضيع الفنية التي عثر عليها في أور في المقابر الملكية وفي المعابد وفي القصور.
الحقبة المبكّرة
اشتهر موقع أور سنة 1922 حين أجرى السير (ليونارد وولي) تنقيباته في الأطلال فاكتشف المقبرة الملكية ومجمعا واسعا من المقابر أطلق عليه تسمية “حفرة الموت العظمى”.
كانت أور مدينة هائلة الحجم قياسا بمدن زمانها، يعيش أهلها في رخاء منقطع النظير نتيجة موقع مدينتهم على الخليج العربي الذي هيّأ لها أسباب التجارة الخارجية التي وصلت بعيدا حتى الهند، أما اليوم فنجدُ أطلال أور بعيدة عن الشاطىء يفصلها عنه الغرين الذي ما فتىء النهران دجلة والفرات يرسبانه خلال القرون.
اضمحلال أور
ظلت أور مسكونة حتى الحقبة المبكرة من العهد الأخميني (550 ق.م – 330 ق.م) لكن سكانها كانوا يهاجرون منها الواحد تلو الآخر بسبب التغير المناخي وانهاك التربة وتضاءلت أهمية أور ببطء مع انحسار سواحل الخليج العربي عنها جنوبا حتى خربت المدينة وأضحت أطلالا نحو 450 ق.م.
مدينة أموات
دُفنت المدينة تحت الرمال حتى زارها بيترو ديلا فالي سنة 1625 م فلاحظ نقوشا غريبة على الطابوق عرفنا لاحقا أنها تمثل مقاطع الكتابة المسمارية، وصورا على التحف عرفنا لاحقا أنها أختام أسطوانية كانت تستعمل لتحديد الممتلكات أو للتوقيع على الرسائل، وفي 1853 م -1854 م بدأت أول عملية تنقيب في الموقع، قام بها جون جورج تايلور لصالح المتحف البريطاني وقد لاحظ عددا من مجمعات المقابر (المجمعات الجنائزية) فاستنتج أن الموقع قد يكون مدينة أموات (مقبرة) بابلية.