اعداد _ محمد البغدادي
من المعلوم أن تبدلات الطقس والحرارة على اختلاف الفصول أمر طبيعي، ولكن عندما تزداد شدة تلك التغيرات وتصبح طويلة الأمد وغير عادية تسمى تلك الحالة بتغير المناخ.
وبشكل عام يسبب تغير المناخ ارتفاعا في درجات الحرارة وتفاوتا في نسب هطول الأمطار وما ينتج عنها من ذوبان جليد القطبين مما يؤدي لارتفاع منسوب مياه البحر، بالإضافة لفترات من العواصف الشديدة أو الجفاف في مناطق مختلفة.
ناقوس خطر
وخفض الانبعاثات الكربونية والحد من ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، كما هو متفق عليه دوليا، يمكن أن ينقذ نصف كمية الجليد المتبقية.
ورغم أن تحقيق هذا الهدف يبدو بعيد المنال مع استمرار ارتفاع الانبعاثات، إلا أن العلماء أكدوا أن كل جزء من الدرجة المئوية يتم تجنبه سيوفر 2.7 تريليون طن من الجليد.
مؤخرا كشفت دراسة أن نحو 40% من الأنهار الجليدية الموجودة اليوم محكوم عليها بالذوبان بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري المسببة للاحتباس الحراري.
ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 75% إذا وصل ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 2.7 درجة مئوية، وهو المسار الحالي للعالم.
وحذر الباحثون من أن الخسارة الهائلة للجليد ستؤدي إلى ارتفاع منسوب مياه البحار، ما يعرض ملايين الأشخاص للخطر ويزيد من موجات الهجرة الجماعية، كما سيؤثر بشكل كبير على المليارات الذين يعتمدون على الأنهار الجليدية في تنظيم موارد المياه اللازمة للزراعة.
وأظهرت الدراسة أن الأنهار الجليدية في غرب الولايات المتحدة وكندا من بين الأكثر تضررا، حيث أن 75% منها محكوم عليها بالفناء. أما الأنهار الجليدية في جبال هندوكوش وكراكورام المرتفعة والباردة، فهي أكثر مقاومة، لكنها ستتقلص بشكل كبير مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
هذه الدراسة على نمذجة متطورة لمسار 200 ألف نهر جليدي حول العالم، باستثناء غرينلاند وأنتاركتيكا. واستخدم الباحثون ثمانية نماذج محاكاة مختلفة، تم معايرتها بدقة باستخدام بيانات واقعية، لتتبع مصير هذه الكتل الجليدية العملاقة تحت سيناريوهات مناخية متباينة.
وما يثير القلق أن الخسائر الجليدية لن تقتصر على القرن الحالي، بل ستستمر لآلاف السنين حتى لو توقف الاحتباس الحراري اليوم. وهذا التأخر الزمني الكبير بين سبب الذوبان ونتائجه الكاملة يجعل من الأنهار الجليدية مؤشرا فريدا على عمق الأزمة المناخية التي نواجهها.
وأوضح الدكتور هاري زيكولاري، أحد قادة الفريق البحثي، أن “كل جزء من الدرجة المئوية التي نتمكن من تجنبها ستنقذ مليارات الأطنان من الجليد”.
وكان معروفا سابقا أن 20% من الأنهار الجليدية ستختفي بحلول عام 2100، لكن النظرة طويلة الأجل كشفت أن 39% من الجليد العالمي قد حكم عليه بالفناء بالفعل.
وتمتد العواقب المتوقعة لهذا الذوبان الجليدي إلى مختلف مناحي الحياة. فبالإضافة إلى مساهمته في ارتفاع منسوب مياه البحار، سيتسبب اختفاء الأنهار الجليدية في اضطراب الأنظمة البيئية، وزيادة مخاطر انهيار البحيرات الجليدية، وتأثيرات خطيرة على المجتمعات التي تعتمد على هذه المصادر المائية للزراعة والشرب.
الدكتورة ليليان شوستر من جامعة إنسبروك حذر من أن “ما نراه اليوم من تراجع للأنهار الجليدية هو مجرد بداية لقصة أطول بكثير”. وتضيف أن “الأنظمة الجليدية تتأخر في استجابتها للتغير المناخي، ما يعني أن الأسوأ لم يأت بعد”.
العراق في قلب العاصفة
وأقيم في مدينة أربيل منتدى خاص بالبيئة حيث تضمن مناقشة سيل تعزيز الاعتماد على الطاقة النظيفة في إقليم كردستان، بمشاركة العديد من الجهات الحكومية والمنظمات المعنية بالبيئة. وقال محافظ أربيل أوميد خوشناو في مؤتمر صحفي اثناء المنتدى، إن “جميع الدول لديها برامج واستراتيجيات خاصة لمكافحة التغير المناخي، وإقليم كردستان والعراق ليس بمعزل من هذا التغير في المناخ”.
وأضاف أن “هذا المنتدى يهدف الى تعزيز العمل على الطاقة النظيفة في إقليم كردستان ونتمنى الاستفادة منه، وحكومة الإقليم تؤكد أنها اتخدت عدة إجراءات بهذا الخصوص”.
في الاثناء ، أكدت مديرة مؤسسة ألس لحقوق المرأة والطفل، مريم الفرطوسي، خلال مشاركتها في برنامج قضاياها، المعروض على قناة المسرى . عندما تحدث التغيرات المناخية تؤثر على الموارد، مثل نقص المياه، وتقلص الأراضي الزراعية، وتكون النساء في مقدمة المتضررين، كذلك عامل الفقر، الذي يؤثر على النساء بشكل أكبر لاسيما في الدول النامية، كذلك عامل الصحة، فالتغيرات المناخية يؤدي الى انتشار الامراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة، او الجفاف، فالنساء الحوامل والاطفال هم اكثر عرضة للأمراض في تلك الحالات .
الفرطوسي: تغير المناخ يؤدي الى تفاقم الازمات الاقتصادية
وأشارت، يؤثر تغير المناخ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي الى تفاقم الأزمات الاقتصادية، مثل نقص المياه، والزراعة، وتدهور الأراضي، فالنساء، بالاخص في المناطق الريفية، يعتمدن على هذه الموارد، لكسب لقمة العيش، ومع تأثر هذه الموارد تتأثر قدرتهم على العمل والدخل، كذلك الصحة الإنجابية والجنسية، فقد تؤدي الكوارث البيئية الى نقص في الخدمات الصحية وانهيار البنية التحتية، في كثير من الاحيان، مما يؤثر بشكل مباشر على النساء، ويؤدي الى حرمانهن من الرعاية الصحية اللازمة .
التحديات البيئية
وأشار تقرير الى أن العراق كان يسمّى “بلد الـ30 مليون نخلة”، شكّلت النزاعات المتكرّرة، لا سيما الحرب بين إيران والعراق التي امتدّت من 1980 حتى 1988، التهديد الأبرز للنخيل.
وأوضح التقرير ، قبل أن تبدأ التحديات البيئية الناتجة عن التغيّر المناخي في منطقة تشهد سنويا موجات جفاف تزداد قسوة مع الوقت. ويتابع ، منذ أكثر من عشرة أعوام، تعمل السلطات العراقية ومؤسسات دينية على إنعاش أشجار النخيل التي تشكّل رمزا وطنيا ومحرّكا مهما للاقتصاد، وأطلقت برامج عدّة لدعم المحاصيل وزيادة التشجير. وتشكل التمور ثاني أكبر صادرات العراق بعد النفط وتدرّ أكثر من 120 مليون دولار سنويا، بحسب البنك الدولي.
ومع تصاعد وتائر التداعيات السلبية والخطيرة لظاهرة التغير المناخي عامة والاحتباس الحراري خاصة، تتزايد التحذيرات العلمية مؤخرا من التبعات الكارثية للارتفاع الحاد في معدلات درجات الحرارة حول العالم، على صحة البشر الجسدية والنفسية على حد سواء، وعلى قدراتهم الإدراكية والعاطفية التي قد تتراجع مع تقدم مستويات الاحترار.
التغيرات المناخية.. اضرار أشعة الشمس
وتشكل موجات الحر مخاطر صحية حقيقية، مثل ضربة الشمس، والإرهاق الحراري، وحتى مشاكل القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، وتشير الأدلة إلى أن الحرارة الشديدة يمكن أن يكون لها أيضًا عواقب خطيرة على الصحة النفسية والعقلية. حيث يمكن أن تؤثر الحرارة على تهيج أي شخص، وذاكرته، وانتباهه، ووقت رد الفعل، وكذلك النوم، وفقًا للجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) . وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حالات نفسية معينة، فإن هذه التغييرات يمكن أن تزيد من خطر ظهور أعراض أو سلوكيات خطيرة، ترتبط في الواقع بالعدوانية والعنف.
التغيرات المناخية.. كيفية تأثير الحرارة على الصحة العقلية؟