محمد شيخ عثمان
رئیس مؤسسة (المرصد)الإعلامية
في خطوة عكست ثقل العراق السياسي والبيئي، شارك فخامة رئيس الجمهورية الدكتور عبداللطيف جمال رشيد في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، المنعقد في مدينة نيس الفرنسية، ليضع العراق في صدارة الدول الساعية إلى بناء شراكات دولية لمواجهة التغير المناخي وأزمات المياه والبيئة.
ورغم بعض الانتقادات السطحية التي طالت المشاركة بحجة أن العراق لا يملك سواحل بحرية، جاءت كلمة الرئيس لتؤكد عكس ذلك وأن أصدق الأقوال ما صدّقته الأفعال، وأن العراق المعني مباشرةً بأزمة المياه والتصحر، يمتلك رؤية بيئية ناضجة، وخبرة فنية تؤهله للعب دور ريادي في رسم السياسات الدولية لحماية البيئة والمناخ.
الرئيس العراقي لم يذهب إلى نيس بصفة بروتوكولية شكلية، بل حمل معه خلفيته العميقة في قضايا المياه والموارد الطبيعية، وتجربته الطويلة التي تتجاوز حدود العراق، ليُصيغ خطابا عقلانيا حازما، يُعلي من شأن الشراكة الدولية ويضع العراق في قلب الرؤية الكونية للمياه والمناخ.
لقد أكد الدكتور عبداللطيف رشيد في كلمته امام المؤتمر أن الموارد المائية – بما فيها المحيطات – لم تعد مجرد ملف بيئي، بل قضية إنسانية وأمنية وتنموية ومشددا على أن أمن المحيطات بات مسألة أمن دولي، تمسّ حتى الدول غير الساحلية، بسبب ارتباطها بمسارات التلوث والتغير المناخي وارتفاع درجات حرارة المياه وتفاقم ظاهرة تحمض المحيطات.
لقد أشار رئيس الجمهورية إلى أن العراق يعاني من انحسار كبير في المياه بسبب التغير المناخي وعدم وجود سياسات إدارية عادلة للأنهار العابرة للحدود، مما أدى إلى النزوح الداخلي، وتراجع مساهمة الزراعة في الناتج المحلي.
وهنا قدم فخامته مقترحا واقعيا بالدعوة إلى اتفاق عالمي لحماية المحيطات يستند إلى اتفاقية أعالي البحار، وإلى تعزيز التمويل المستدام والتكامل المؤسسي بين وزارات البيئة والمياه والاقتصاد الأزرق، إلى جانب تطوير إدارة المياه في الأحواض المشتركة والبحار المغلقة.
رجل الماء في قضايا المياه
ماينبغي ملاحظته هنا انه ليست مصادفة أن يتحدث رئيس جمهورية العراق في مؤتمر المحيطات بلغة علمية دقيقة ورؤية استراتيجية ناضجة حيث ان فخامته ليس طارئا على هذا الملف، بل يُعرف في الأوساط الأكاديمية والتنفيذية بـ”رجل الماء”، لما له من باع طويل في إدارة ملف الموارد المائية على الصعيدين الوطني والدولي.
الدكتور عبداللطيف رشيد يحمل درجة الدكتوراه في الهندسة من جامعة مانشستر البريطانية، وتولى مناصب هندسية واستشارية بارزة في مجال المياه والري والسدود. وهو مؤسس وعضو ناشط في عدد من الهيئات الدولية المتخصصة في إدارة المياه العابرة للحدود، وقد عمل لسنوات ضمن منظمات أممية ومنظمات غير حكومية متخصصة في التنمية والبيئة.
صوت علمي مسؤول