الكاتب.. احمـد كـامـل الســراي
لاحظت قبل ايام بوجود اعلانات ضوئية كبيرة في الشوارع تروج فيها لشركة استثمارية بمجال البناء ، تعلن عن بناء مجمعات سكنية مختلفة المساحات ومناطق متكاملة الخدمات حسب اعلانهم، انتابني الفضول بالاتصال بموقعهم الاعلامي لأستفسر بخصوص اسعار تلك الوحدات وتفاصيلها، تفاجئت حقيقة من الاسعار وهذا ليس بالجديد ، فقبلها مجمعات سكنية اعلنت اسعارها تكاد تكون مقاربة، لكن الغريب بالموضوع ان المجمعات يعلنون عنها على انها لذوي الدخل المحدود ، بينما الاسعار اعلى من سقف الرواتب بعشرات المرات، فهل من المعقول ان يسدد المستفيد مبلغ يصل الى ربع مليار دينار عراقي خلال فترة خمسة سنوات فقط مع الزامه بدفع مقدمة يصل الى ١٠ % من قيمة المبلغ الكلي ثم التسديد على شكل دفعات لكل ثلاثة اشهر فيظهر الناتج رقم خيالي يصل قرابة الاربعة ملايين شهرياً ، فأي موظف هذا الذي يستطيع ان يدخر اربعة ملايين وما هو مقدار راتبه ليصل لحجم نفقاته الـشهرية، يبدو ان الامر مستحيلا لذوي الدخل المحدود ، بالمقابل اعلنت الحكومة خلال الايام الماضية عن قرب اطلاقها مدن سكنية جديدة في مختلف محافظات العراق للقضاء على ازمة السكن ، وكالعادة ستسلم تلك المدن للمستثمرين من اجل بناءها والله هو العالم وحده كم ستكون سعر الوحدة السكنية ، فاذا كان الموظف عاجزاً تماماً عن شراء وحدة سكنية فما هو الحال لعديمي الرواتب والذين يعيشون على الاعانات الاجتماعية ، وما هي الفائدة من بناء مجمعات سكنية لا يستطيع شراءها سوى المترفين ، ولماذا لا يتم دعم المستثمر بأسعار المواد الانشائية اذا كانت حجة المستثمر ان مواد البناء سعرها باهض ، ولماذا لاتمنح الحكومة الارض للمستثمر بسعر رمزي اذا كان عذر المستثمر ان سعر الارض مرتفع جدا و….الخ من الحجج التي يمكن للحكومة تذليلها بشرط بيع الوحدات السكنية يكون في متناول ذوي الدخل المحدود ، هذا اذا كانت الحكومة جادة فعلاً بالقضاء على ازمة السكن مع التزايد المستمر لسكان العراق، من جانب آخر ان الحكومة عازمة على افتتاح مدن جديدة بعيدة عن مراكز المدن يتطلب خلق فرص عمل قريبة منها كإنشاء معامل او اسواق مع بناء دوائر حكومية مختلفة للقضاء على ازدحامات مراكز المدن . ان الازمات التي عصفت بالعراق لسنوات طوال جعلت من ازمة السكن تتفاقم مما تسبب ذلك بإنتشار العشوائيات داخل المدن مع تجريف الاف الأراضي الزراعية فحاولت الحكومات المحلية في المدن بتوزيع عشرات الالاف من القطع السكنية على المواطنين لكن ذلك لم يجدي نفعاً لـسببين اولهما عدم تجهيز تلك القطع بالخدمات المختلفة والسبب الآخر ارتفاع كلفة البناء ، ولذلك لم تساهم قطع الاراضي بحل مشاكل ازمة السكن ، لذا ستبقى الحلول بأيدي الوزارات ذات العلاقة على الرغم من صعوبتها لكنها لا تبدو مستحيلة فهناك عشرات الشركات العالمية المتخصصة بالبناء مستعدة ان تنشأ مجمعات سكنية مقابل منحها عقودا نفطية او الدفع بالامد الاجل او منح التسهيلات للشركات في سبيل تخفيض اسعار الوحدات السكنية .
الدستور