الملح والزاد … ملح وزاد مائدة الرئيس مام جلال
– كوردستاني نوي
لقد قال مواطن بشكل عفوي وهو يحمل علم البلد: لو كان مام جلال موجوداً لما كان الوضع على ماهو عليه الآن.
ولأن حديثه لم يكن ذا تكليف ونابعا من القلب وتقديراً لعراق عهد صمام الأمان. لم يقل جلال طالباني أو الرئيس. لقد قالها كما يقوله أي كوردي: مام جلال.
إنه كان متظاهرا، ومؤيداً لأحزاب السلطة، وينتقد بأن له شهادة متروكة في البيت وهو عاطل عن العمل ومحروم من الكهرباء وحاله حال المتظاهرين المحتجين من أدنى مدينة البصرة وحتى أقصى مدينة الصدر ببغداد، ولكون الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، فقد قال بعد عرض مطالبه وانتقاداته مباشرة: لو كان مام جلال موجوداً لما آلت إليه الاوضاع على ماهي عليه الآن.
لقد كان حديث متظاهر موجه للعراق والعراقيين من على قناة لاتتبع إعلام حزب مام جلال. كان حسرة عفوية لعصر مام جلال غير البعيد كي نرمز له بالـ”نوستاليجيا”، فعصره يعود إلى ١٠ سنوات أو أكثر بقليل.
حين كان الشيعة والسنة والكورد كذلك نفس شيعة وسنة وكورد الوقت الراهن، لكن كان هناك مام جلال الذي سخر نفسه لمصلحة البلاد. كان هناك صمام أمان الذي تخبرنا عنه صور السنوات العشر المنصرمة أنه كان في النجف وتارة في بغداد وتارة أخرى في كركوك.
فهو تارة كان عند سماحة آية الله السيستاني من أجل التدابير الوطنية وتراه تارة أخرى يتشاور مع سماحة مقتدى الصدر ويقترح عليه المشاركة في العملية السياسية.
الشيعة كانوا في ذات الوقت كذلك أحزاباً وفرقاً وتيارات، لكن جميعهم كانوا يصعدون على متن سفينة نجاة العراق. فهم كانوا أحزباً دينية ومتدينين ذا أعلام متنوعة كما هو اليوم.
إلا أن البلد كان يسع جميعهم. والسنة كانوا مرهَقين ومجروحين، لم يكونوا كما هم الآن. لكن الشيعة والسنة كان لهم أمل للمستقبل بالرغم من خلافاتهما وكانوا يملكون مام جلالاً يجمع سائر قياداتهم على مائدة السلام و(لقمة الصياد) والسمك المسقوف البغدادي.
العراق كان يعاني وقتها كذلك من مشاكل وخلافات وحروب، فقد أنهكته القاعدة والإرهاب والمقاومة.
بالرغم من ذلك كله، كان له أمل في المستقبل، كان يملك رجلاً حريصاً وكان مؤمناً بأنه سيتخطى هذه الأيام المرة.
كان في العراق المئات من القوى المسلحة والميليشيات التابعة للدول، لكن البلد كان له مام جلال الذي يجمع الشرق والغرب على طاولة الحوار في سبيل العراقيين.
لقد أنيط الشباب العاطل وقتها وكذلك انعدام الكهرباء وقلة الخدمات بالتفاؤل وخريطة طريق المستقبل.
فالناس كان لديهم علم اليقين أنه مهما تعقدت الأمور فهناك رئيس، هناك مام جلالٌ سيفك العقد ويسير بالتأزم والتعنت نحو الهدوء والانحلال.
إنهم حاوروا مواطناً بسيطاً يشرح ويعرض حاله كما هو: لو كان مام جلال في الساحة لما حدث ماحدث.
لازال سحر الحلول في ثقافة مام جلال، لو أراد العراقيون الحلول. لقد رحل صمام أمان العراقيين. لكن خريطة طريق مام جلال موجودة وليس هناك ما هو أسهل من توجيههم بها.
إن التضامن والتوافق والحوار والتصالح وتقدير أي شيئ وأي شخص ميراث إزدهار مام جلال لسائر العراقيين، إنه ميراث ضخم ينادي الجميع من بعيد للتجمع حوله: إنه هو سر تفريج الأزمات والحد من تشديد الخلافات. فطاولة حوار مام جلال يسع الجميع.
كما أن لقمة الصياد والعسل وجوز هورامان وعَشاءً على مائدة مام جلال كفيل بالملح والزاد والصداقة والمحبة فيما بين الجميع، فهذه الثقافة وهذا التوجه لازال قائماً، والمنزل لازال عامراً.


