المسرى :
تقرير : وفاء غانم
تفتقر المنظومة الدراسية في البلاد الى ابسط مقومات االتعليم ، بدءاً من تهالك البنى التحتية ، وانتهاءا بقلة الملاكات التدريسية التي لم تشهد ايضا تطورا من ناحية الاساليب التعليمية للنهوض بمستوى الطلبة.
وثيقة صادرة عن وزارة التربية , شددت على الكوادر التدريسية بارتداء الزي المحتشم وعدم لبس الجواريب ، اضافة الى التيشيرت المسبع مع سلسلة او اسوار , وسيقوم قسم الاشراف والتطوير الفني متابعة الموضوع وبخلافه تتحمل ادارة الاعداديات المسائلة القانونية.
وتعاني المدارس في العراق من مشاكل كثيرة تعيق العملية التعليمية , مازالت بعض منها مبنية من طين او كرفانات ,واخرى بلا جدران ونوافذ بلا زجاج، ومقاعد دراسية متهالكة غارقة بالمياه الاسنة والنفايات والخدمات الصحية والكهرباء والمياه النظيفة ووسائل التكييف وغيرها من المتطلبات الأساسية.
مدارس تفترش الارض والخافي اعظم
تداولت منصات التواصل الاجتماعي مجموعة صور لتلاميذ مدرسة ابتدائية في محافظة ديالى يفترشون الارض داخل الصفوف الدراسية.
وقالت مواقع التواصل ” إن تلاميذ احدى مدارس خانقين شمال شرق بعقوبة يصطحبون معهم كراسي وطبلات بسبب عدم وجود رحلات مدرسية”. فيما ناشدت (مدرسة الساير الابتدائية المختلطة ) وهي إحدى المدارس العربية في قرية الساير التابعة لقضاء سنجار، مديرية تربية نينوى ومدير تربية سنجار لإيجاد حل لمشكلتها وهي نقص الرحلات لجلوس التلاميذ.
وأوضح القائمون على المدرسة أن عدد تلاميذهم (٢٥٠) وفي المقابل عدد الرحلات هو (٤٨)، ويجلس التلاميذ على الأرض بسبب قلة الرحلات، وهذا في وقت نحن مقبلون على موسم الشتاء ودوام المدرسة يستمر إلى ساعات متاخرة وهذا يؤثر على التلاميذ وعلى صحتهم.
وبالنسبة للمستلزمات الورقية كالكتب والدفاتر تكاد تكون شبه معدومة متهرئة تماما بحسب ما اظهرته مقاطع فيديو ايضا على مواقع التواصل الاجتماعي من بينها لاب يعرض كتب ابنه وهي تكاد تكون تالفة تماما مطالبا الجهات المعنية بايجاد حلول جدية .
تربية تحتاج الى تربية
واذا ما نظرنا من ناحية ثانية الى الواقع التدريسي سنلاحظ أن هناك تزايدا ملحوظا في وتيرة العنف في المدارس ، حيث تظهر مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل شبه يومي مشاهد تمارس بحق أطفال لم يبلغوا سن الرشد ، مخلّفة في عقولهم ونفوسهم بغض المدرسة والعملية التعليمية بأكملها، وربما أصبح هاجساً مرعباً لدى الطالب ، لا يعني هذا أن الطالب بريءٌ ومنزهٌ من الإخطاء والسلوكيات السلبية ، ولكن في كثيرٍ من الأحيان تكون العقوبة والردع مبالغٌ فيهما ، وتبقى كل هذه السلوكيات تحدث أفعالها في المجتمعات والبيئات التربوية ، بدل أن تصبح المدرسة أداة للتربية والتعليم اصبحت مكانا لاكتساب اساليب خاطئة وزرع العنف.
ففي كركوك.. تعرض طالب للضرب والإهانة على يد مدرس يثير ردودا غاضبة. فيما تعرضت طالبة اخرى في احد مدارس الكوت لاعتداء على يد معلمتها ماتسبب بكسر ونزيف داخلي في انفها.
عندما يصبح العنف وسيلة للتربية فهذه المعضلة الكبرى , وواقع مثل هذا يترك بصماته وتأثيره القاسي على الكبار, فما الذي يكون عليه حال الاطفال في مثل هذا الوضع, بالتأكيد سيكون الاطفال الحاضرون مطبوعين بطباع هذا العنف.
يعتبر الطفل ارضا خصبة وكل ما يزرع فيها ينبت، لذا نرى أن الطفل اذا نشأ وتربى على هذه الممارسات العدوانية فمن الطبيعي جداً ان يصبح العنف جزءاً من سلوكه وشخصيته.
العنف التربوي
ظاهرة العنف التربوي في العراق قديمة الجذور والنشأة قدم التعليم ذاته، حيث ارتبطت بأقدم اساليب التدريس الذي كان يقوم على استخدام وسائل معينة لاجبار التلاميذ على حفظ (القرآن) ولعل في موروثها العراقي القريب شيوع استعمال الفلقة عند (الملالي) او الكتاتيب وهي الطريقة التي كانت سائدة قبل انتشار المدارس وبعد ان تطورت اساليب التربية الحديثة وظهرت المدارس على اساس علمي بقي استخدام العنف في المدارس يسير بشكل متواز مع الوقت برغم التفاوت الكبير في مدى تأثير هذا العنف من وقت لاخر فهناك عوامل واسباب تجعل هذه الظاهرة تتجدد وتنمو ولابد من إيجاد حلول لها لإبعاد الآثار النفسية المترتبة عنها في المدى القصير والبعيد اما الجديد فهو استخدام الألفاظ النابية من معلمين و معلمات وقعت على عاتقهن تربية جيل جديد في ظل اوضاع اقل ما يمكن ان توصف به انها مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة من معاني كبيرة عن الوصف.
ويؤكد تربويون أن ظاهرة إستخدام العنف ضد الطلاب لا تزال متفشيةً في العديد من المدارس العراقية، بالرغم من التعميمات الصادرة عن وزارة التربية والتي تمنع ممارسة ضرب الطلاب، مشيرين الى أن هناك معلمين يمارسون تلك الطريقة في فرض النظام بالمدرسة.
ولايقتصر على هذا وحسب فالمعادلة عكسية , كثيرا مايتعرض التدريسي ايضا الى التعنيف من قبل الطلاب وهذا إن دل على شيء انما يدل بشكل قاطع على انهيار العملية التروية في العراق فالمدرسة تربية وتعليم وكلاهما جزء لايتجزأ من المنظومة التعليمية .بحسب باحثيين اجتماعيين .
وعبر نواب وتربويون عن امتعاضهم لانهيار التعليم بالعراق، واصفينها بـ “الجريمة”، واشاروا الى أن الذي يجري في العراق هو قتل للتعليم، وهذه جريمة الكل مشارك فيها، إن كانت الحكومة او الطالب او الكوادر التعليمية.
تعزيز قيم التسامح و اساليب النقاش
ويرى مشرفون تربويون أن عملية التعليم في العراق تواجه العديد من المعوقات التي تحد من تنمية قدرة الطالب على المهارات التحليلية والقدرة على حل المشاكل والتفكير النقدي والابداع ، ولا يساهم التعليم في تعزيز قيم التسامح التي هي الأقل عالميا في العراق لتدني اساليب النقاش والتفكير والتحقق وروح الفريق في الأساليب التعليمية , اضافة الى الحاجة الى اعادة النظر في المناهج الدراسية وطرق التدريس والخطط الأكاديمية في الجامعات واعادة الهيكلة والبناء وفقا لاحتياجات السوق والمجتمع.