المسرى.. تقرير : فؤاد عبد الله
لاتزال مساعي التقريب والتفاهم بين التيار الصدري والإطار التنسيقي غير مفهومة المعالم حول شكل الحكومة، وكذلك بين الحزبين الكورديين حول مرشح رئاسة الجمهورية، ولكن الإطار أكد استمرار الحوارات واللقاءات مع الكتلة الصدرية وباقي الكتل السياسية بغية تشكيل الحكومة.
ولكن السؤال هنا، هل تأزم المشهد السياسي العراقي والصراعات الحاصلة بين الكتل وحتى داخل المكون الواحد ،هو حرب بالنيابية عن مصالح اقليمية دولية، أو صراعات شخصية؟
تغيير في المشهد
في هذا السياق يرى استاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد والمتخصص بالشؤون الدولية الدكتور حازم الشمري أن ” التغيير في المشهد السياسي العراقي حصل بعد انتخابات 2018، حيث أن محمد الحلبوسي فاز برئاسة البرلمان وسط منافسين أقوياء من الحرس القديم، وكذلك برهم صالح تغلب على منافسه لرئاسة الجمهورية من داخل قبة البرلمان، وأيضاً الدكتور عادل عبد المهدي جاء كمرشح تسوية لرئاسة الوزراء ولم يكن أصلاً مرشحا للمنصب، لذلك كانت توليفة مغايرة لسابقاتها وخطوة بالطريق الصحيح”، مبيناً أن انتخابات 2021 أفرزت كتل كبيرة إئتلفت فيما بينها لتشكيل أغلبية وطنية سياسية، وآخرين يريدون العودة لما بعد 2018 للاشتراك والمساهمة في الحكومة حسب الفسحة المعطاة لهم للتفاهم”.
قوى إقليمية مستفيدة
وأوضح الشمري لـ( المسرى) أن ” هناك قوى إقليمية مستفيدة من الشأن العراقي تريد أن توازي بين تلك القوى الداخلية، عن طريق تدخلها الهاديء وإعتبار العراق الباحة الخلفية لهم، رغم تصريحاتهم المتكررة بعدم التدخل بالشأن العراقي، وما عملية تأخير تشكيل الحكومة، المراد منها حصول التوافق ما بين الكتل واشتراك الجميع في الحكومة القادمة”، لافتاً إلى أن ” هناك قوى سياسية تحاول تغيير قواعد اللعبة بما يحقق لها الانفراد في المشهد السياسي” متسائلاً في الوقت ذاته، هل أن ذلك الانفراد سيأتي بنتائج إيجابية في المستقبل أم ستكون نتائجها عكسية وسلبية على الوضع السياسي في البلاد؟
مخاطر محدقة
وأشار إلى أن ” ذلك الانفراد هو مخاطرة كبيرة بحق العراق، ولكن الداعين والمتمسكين بمبدا الاغلبية، يقولون إنهم قادرون على المضي بالبناء السياسي، وهذا وهم كبير جدا”.
صراعات شخصية
أما النائب والوزير السابق وائل عبد اللطيف فيقول لـ( المسرى) إنه ” بالتأكيد ما يحصل من تأزم في المشهد السياسي العراقي هو صراعات شخصية بالدرجة الأساس، وفي الوقت ذاته لن نستطيع التغافل عن المصالح الإقليمية والدولية المؤثرة في الداخل العراقي، لأن القوى السياسية اعتادت أن تستند منذ 2003 ولحد الآن على دولة أو دول معينة من الدول المجاورة أو الإقليمية أو الأجنبية، وبالتالي جعلوا من أنفسهم وليمة لكل من يريد أن يتدخل في الشأن العراقي، وقد تدخلوا بالفعل”، مؤكداَ أن ” القوى المستندة على تلك الدول و المتدخلة في شؤونهم هم من الذين يستقوون بالدولة من خلال السلطة، وتلك السلطة تعطيها إياهم الدول وليس الشعب من الناحية الفعلية، افقدوا الشعب تلك السلطة وسلموها للدول المجاورة والاقليمية والدولية”.
تدخلات متجذرة
ونوه عبد اللطيف الى أن ” تاثيرات ذلك التدخل متجذرة، بحيث لا يستطيعون تشكيل وزارة واحدة بدون أن تتدخل هذه الدولة أو تلك، وما رايناه في هذه الدورة النيابية، هو تدخل ثلاث دول لحد الآن كما هو معلوم، وربما هناك دول أخرى غير معلنة تدخلت، وهو أسوء ما تصل إليه الإرادة الدولية من فرض إراداتها على العراق من خلال العراقيين أنفسهم وليس من خارجه، على اعتبار ان العراق بلد ذو سيادة”.
صراع متجدد
منذ عام 2003 ولحد الآن كل الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد قد تشكلت بعد مفاوضات ومباحثات شاقة وعسيرة بين الفرقاء والسياسيين والاحزاب المشاركة في انتخاباتها، ولكن في النهاية وبعد شق الانفس، شاهد العراقيون تنازلات وصفقات قد تكون احياناً مربكة لتلك الأحزاب والكتل الفائزة، أفضت إلى تشكيل الحكومة والسير بالعملية السياسية كما يقولون إلى الأمام وبر الأمان.