الكاتب.. بسام رعد
أعلنت وزارة التخطيط العراقية مؤخراً عن نتائج التعداد السكاني، حيث بلغ عدد سكان العراق أكثر من 46 مليون نسمة، إذ يمثل هذا الرقم علامة فارقة في تاريخ العراق المعاصر، ويعكس واقعاً ديموغرافياً متغيراً يحمل في طياته تحديات كبيرة وفرصًا ممكنة. في هذه المقالة سنستعرض تأثير هذا النمو على مستقبل العراق ومقارنة الوضع الحالي بنتائج تعداد عام 1977.
كان عدد سكان العراق حسب نتائج التعداد 12 مليون نسمة. وكانت البلاد تشهد نمواً اقتصادياً قوياً بفضل عائدات النفط ، مما أسهم في تحسين مستوى المعيشة والرعاية الصحية وأنظمة التعليم وتطوير البنية التحتية، هذه المعطيات جعلت إدارة الموارد والخدمات العامة أكثر سهولة وأسهمت في تعزيز التنمية الاقتصادية آنذاك.
تحديات متزايدة مع تضاعف عدد السكان أربع مرات، حيث يعيش البلد اليوم تحديات متفاقمة نتيجة اعتماد الاقتصاد على النفط بشكل مفرط ونمو الإنفاق التشغيلي بشكل لافت ، مما تسبب بحالة عجز مزمنة للمالية العامة. كما أن النمو السكاني السريع والكبير يضع ضغطا هائلا على الموارد والخدمات مثل التعليم، الرعاية الصحية، المياه النظيفة، والكهرباء. وفي حال عدم القدرة على توفير هذه الخدمات يمكن أن يؤدي ذلك العجز إلى تدهور جودة الحياة وزيادة الاستياء العام، علماً أن العراق الآن يواجه تحديات بيئة خطيرة مثل التصحر وارتفاع درجات الحرارة مما يؤثر على الموارد المائية والزراعية بشكل سلبي.
تُظهر نتائج توزيع السكان حسب الفئة العمرية أن نسبة السكان في سن العمل هي (60.44%). كما أن نسبة السكان دون سن العمل تبلغ (24.74%)، أي أن هناك 11 مليون نسمة سوف تدخل لسوق العمل في الاعوام المقبلة. وهذا يعني أن هناك حاجة ملحة لتوفير فرص عمل لاستيعاب هذه الفئة، وإذا لم يتم معالجة هذه القضية فإن البطالة قد تتفاقم ، مما يؤدي الى تفشي الفقر وزيادة معدلات الجريمة.
على الرغم من التحديات، يوفر النمو السكاني أيضا فرصة ممكنة لدفع عجلة الاقتصاد. مع زيادة عدد السكان، يزداد عدد الأفراد القادرين على العمل وإذا تم توفير التعليم والتدريب المناسبين يمكن استغلال هذه القوة العاملة لتحقيق زيادة الانتاجية والنمو الاقتصادي.
من الصعب عودة العراق إلى الوضع الاقتصادي المتميز الذي كان عليه في السبيعنات لكن يمكن تحقيق تقدم كبير إذا تم اتخاذ خطوات فعالة والتعامل مع التحديات المستقبلية بشكل استباقي. ويتطلب ذلك تعزيز الاستقرار السياسي وتحسين جودة التعليم والتدريب المهني والرعاية الصحية وتحسين الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط من خلال دعم القطاعات الأخرى مثل الخدمات والصناعة.ختاماً يمثل النمو السكاني تحدياً وفرصة في أن واحدَ، ومستقبل العراق يعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة النمو السكاني والتحديات المرتبطة به.
المصدر : العالم